Welcome to Fast Trans Translation

دور الترجمة في التبادل الثقافي: من الجزر المنفصلة إلى قرية صغيرة نشطة

إن الترجمة حاكمٌ عادلٌ، لا يهتم لاختلافاتنا العديدة من أجناسٍ، وألوانٍ، وأعراقٍ، وألسنةٍ، وثقافاتٍ، بل يرحب باختلافنا، ويجعل منها رباطاً محكما يجمعنا جميعاً في عالم – رغم اتساعه الشديد – يبدو كقرية متناهية الصغر، حتى أننا جميعاً نبدو كأبناء عائلة واحدة.

 

إن حاجز اللغات المختلفة بين البشر كان يهدد الأمان في العالم، ويحطم بالخوف والكره كل جسور التواصل التي يمكن أن تنشأ بين الأمم، ثم جاءت الترجمة كمقاتل مخلص. من خلال الترجمة تمكننا من صنع جسور فكرية وشعورية تصل بعضنا بالبعض الآخر، وأصبح اختلاف ألسنتنا لا يشكل خطراً يمنع تواصلنا.

 

يمكن رؤية الترجمة كسفينة لنقل أفكارنا وثقافاتنا من بلد إلى آخر، ثم تعود إلينا محملة بالبضائع الثقافية والفكرية الخاصة بالدول الأخرى، فنلتقطها بلهفة، ونخلط معها ذرات عقولنا وأرواحنا، ثم نعيد إرسالها لسائر بقاع العالم مرة أخرى.

 

ما هي أهمية الترجمة في نقل الثقافة؟

إن للترجمة دوراً فعالاً في نقل الثقافة، فهي السماعات ومكبر الصوت الذي يسعنا من خلالهما التواصل مع الآخرين ومشاركة ثقافتنا معهم، والارتشاف من ثقافاتهم كذلك. فلولا الترجمة لظلت كل أمة جزيرة وحيدة وسط محيط شاسع لا نعرف كيف نعبره، أو حتى ما يقبع بأعماقه.

 

1– تجاوز الحواجز اللغوية المختلفة:

تلعب الترجمة دورًا حاسمًا في تجاوز الحواجز اللغوية المختلفة لدى الأفراد الذين يتحدثون لغات مختلفة، حيث تمكنهم من إقامة قنوات بناءة للتواصل الإيجابي. فإن نظرنا للتاريخ سنرى أن الترجمة سمحت بالتواصل السلمي بين الأمم؛ فمهدت الطرق التي كانت من قبل وعرة، وسمحت بعمليات التجارة الدولية والقارية، وأنارت ظلمات الجهل التي كانت تنهش إنسانيتنا، وجعلت للعلم مساراً آمناً لا يهدده ظلم أو ظلام.

 

2– الحفاظ على الهويات الثقافية المختلفة:

تساعد الترجمة في الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع أو الجماعة من خلال إتاحة ترجمتها إلى لغاتٍ أخرى، مما يجعلها في متناول مجتمعات أخرى. كما أن الترجمة تساعد في تقفي أثر الحضارات القديمة، والحفاظ على هويات تلك الحضارات من الضياع في غياهب الدهر من خلال ترجمتها إلى لغاتٍ حية؛ ليتمكن الجميع من التعرف عليها من جديد، وإحيائها في نفوسهم.

 

3– نشر الثقافات والارتشاف من ثقافات أخرى:

تساهم الترجمة في نشر الثقافات عبر الحدود الجغرافية، وتساهم في ارتشاف المجتمعات من ثقافات الآخرين. يحدث ذلك بفضل الترجمة التي تمكن الأشخاص من اكتساب المعرفة والوعي عن الخلفيات الثقافية المختلفة، التي يتم توثيقها في المؤلفات ووسائل الإعلام الأدبية والفنية المختلفة. التفتح الفكري الذي ينتج عن هذه العملية يسمح للأفراد بتقبل الثقافات الأخرى بمرونة أكثر، ويرفع من احتمالات ممارسة بعض تلك الممارسات الثقافية.

4– بناء علاقات دولية ودية تقوم على السلام المتبادل:

قدرة الترجمة على نشر الثقافات، وتأمين التواصل البناء بين الشعوب يجعلها من العوامل الرئيسية في بناء علاقات دولية ودية، حيث إن التبادل الثقافي الذي تجيزه الترجمة يجعل الشعوب تتآلف، وتشعر بالألفة والود تجاه بعض، مما يرفع بدوره من احتمالات التعاون الدولي، والاتحاد الشعبي بينهم.

اقرأ ايضا: أكثر اللغات تحدثاً في العالم

 

ما هو دور الترجمة في التواصل بين الشعوب والثقافات؟

تلعب الترجمة دوراً هاماً في خلق تواصل ناجح بين الشعوب والثقافات المختلفة؛ ويرجع هذا لكونها حلقة وصل يتمكن الأفراد والجماعات من خلال استخدامها من التغلب على الصعوبات التي تسببها الفروق اللغوية بين الشعوب والأمم دون التضحية بجزء من هويتهم كاللسان الذين اختاروه معبراً عن أنفسهم.

 

1– ترجمة الكتب الثقافية وتبادلها بين الشعوب:

من خلال ترجمة الكتب الثقافية وتبادلها بين الشعوب يتضح لنا دور الترجمة في إنشاء حلقة وصل بين الشعوب والثقافات المختلفة، حيث إن تلك الكتب الثقافية المترجمة تسمح لقارئها بالتعرف على العادات الثقافية الخاصة بالشعوب الأخرى، وتحديد مواطن الشبه والاختلاف بين ثقافتهم وتلك الثقافات التي يتعلمون عنها.

 

2– ترجمة المؤلفات الأدبية والفنية:

ترجمة المؤلفات الأدبية والفنية تسمح لجمهورها بالتبحر في الثقافات الأجنبية، مما يسمح لهم بإنشاء روابط ودية بتلك الشعوب، حيث يتمكنون من رؤية جوانب مختلفة من شخصياتهم. التعمق الثقافي الذي تشجع عليه المؤلفات المترجمة يسمح للأفراد بامتصاص دقائق تلك الثقافات حتى دون وعي منهم.

 

3– تيسير سبل السياحة العالمية:

الترجمة تعمل على تيسير سبل السياحة العالمية، حيث تنشئ قناة للتواصل بين السياح والمرشد السياحي وأبناء الأرض الذين يزورونها، وذلك التواصل اللغوي يحمل في طياته العديد من المحادثات الثقافية الثرية، والتي تفيد إلى توطيد علاقة السائح بتلك الثقافة؛ شعباً وأرضاً.

 

4– كشف الستار عن ثقافات وشعوب الماضي السحيق:

الترجمة هي الطريق الوحيد الذي يمكننا من خلاله كشف الستار عن ثقافات وشعوب الماضي السحيق، الذين لم يتحدثوا بلغتنا، ولم يتشابهوا معنا. فإن ترجمنا آثارهم، وكلماتهم فتحنا طريقاً للود بيننا وبينهم، وجعلنا بيننا وبينهم تواصلاً حياً يتجاوز حدود الزمان.

 

ما هي العلاقة بين الترجمة والثقافة؟

إن العلاقة بين الترجمة والثقافة قوية، ووثيقة، كعلاقة المطر بالبحر. فطالما يوجد مطر، يوجد بحر، وطالما يوجد بحر فلن يتوقف هطول المطر. بالمثل: طالما توجد ثقافة، ستوجد ترجمة، وطالما لا تغيب ترجمة، فستكون هناك ثقافة بكل تأكيد.

 

إن الثقافة هي نتاج التعبير عن الهوية الجماعية لمجموعة من الناس، فهي فنهم، وأدبهم، وموسيقاهم، وعاداتهم، وأفكارهم، وكل ما يفعلونه تأثراً بالجماعة يمكن أن يُطلَق عليه لفظ ثقافة. والثقافة تظهر في ثلاثة أشكال رئيسية: أفعال أفراد الجماعة التي تعبر عن هويتهم الجماعية وعاداتهم وتقاليدهم، وحديث أفراد الجماعة عن معتقداتهم وثقافتهم وماذا تمثل بالنسبة لهم، وكتاباتهم التي تضم تعبيراً ووصفاً عن معتقداتهم واهتماماتهم والاكتشافات الفلسفية والفكرية التي وصلوا إليها بفضل بيئتهم وثقافتهم.

 

دون الترجمة، أو أي وسيلة للتواصل بين الشعوب التي تمتلك ثقافات مختلفة تماماً لن يكون هناك سبيل لفهم الآخر أبداً، وسنكون في نظر الآخر من كوكب آخر إلى الأبد، وهكذا تتربص بنا الشحناء، ولا تجعل بيننا هوادة السلام، أو نسيم الأمان.

 

لكن لحسن حظنا أن الترجمة تستطيع فك شفرات الثقافات الأجنبية من خلال ترجمة ما يقوله أصحاب الثقافة عن هويتهم وثقافتهم، وترجمة ما تتم كتابته من نتاج تلك الثقافة الفكري الذي ينتجه أبناؤها. ثم تسمح الترجمة بامتصاص هذه الثقافات المختلفة، وامتزاجها وتداخلها حتى تصنع ثقافات حية فريدة من نوعها، لها طابع أكثر من ثقافة، وبصمة أكثر من شعب.

 

 

ما هي أهمية الترجمة في العصر الحديث؟

يمكن أن نرى آثار أهمية الترجمة في العصر الحديث في كل ملامح الحياة التي تحيط بنا، حيث نستطيع أن نرى بصمة الترجمة في كل جوانب الحياة أينما ذهبنا:

 

1– تعزيز العلاقات الدبلوماسية الدولية السلمية:

للترجمة في عالمنا الفضل في تعزيز العلاقات الدبلوماسية الدولية السلمية، حيث لولاها ما استطاعت الحكومات أن تتواصل، أو أن تبني علاقات ودية قائمة على المصالح المشتركة، والاتفاقيات الدولية التي تصب في صالح البشرية. ربما دون الترجمة لكنا دول وأعراق متناحرة لا تتفق سوى على الخراب والحروب.

 

2– توطيد العلاقات بين الشعوب:

مكنت الترجمة بمساعدة التكنولوجيا في عالمنا الحديث الشعوب من التواصل، وساهمت بشكلٍ أساسي في توطيد العلاقات بين الشعوب؛ سواء كان ذلك من خلال السفر السياحي، أو من خلال قراءة مؤلفات الشعوب الأخرى المترجمة، أو التواصل حي معهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. على الرغم من اختلاف سبل التواصل، لكن تبقى الترجمة هي الراعي الرسمي لهكذا فرص للتواصل.

 

3– تقوية التطور المعرفي العالمي:

للترجمة في زمننا الحالي دور فعال في تقوية أواصر التطور المعرفي العالمي، حيث إن الترجمة هي السبيل الذي يجعل العلوم في متناول الجميع بغض النظر عن جنسية الباحث، أو لغة البحث، حيث يمكن ترجمته إلى أي لغة عالمية، ثم تداوله بين الباحثين من جميع أنحاء عالمنا حتى يقوموا بتطويره واستخدامه في أبحاثهم.

 

4– فتح مجالات اقتصادية عالمية جديدة:

الترجمة كانت طريقاً إلى فتح مجالات اقتصادية عالمية جديدة، فبفضلها صرنا نرى فروعاً من مؤسسات عالمية في بيئات أجنبية، وتعاون اقتصادي دولي بين مؤسسات كبرى لا تتفق في لغتها، ولكن تتفق في رؤيتها، وأصبحنا نرى أسواقاً جديدة تفتح في بلاد مختلفة كل يوم، ولولا الترجمة لاستحالت كل هذه الفرص.

 

 

ما هي أهمية ترجمة اللغة العربية إلى لغات أخرى في نقل ثقافتنا؟

يمكن أن نرى بوضوح أهمية ترجمة اللغة العربية إلى لغات أخرى في نقل ثقافتنا في عصور وأزمنة مختلفة، ونستطيع أن نلمس أثرها في العالم من حولنا:

 

1– انتهاء عصور الظلام وانطلاق عصر النهضة الأوروبية:

كان لترجمة نصوصنا العربية إلى اللغات الأوروبية دور عظيم في نقل ثقافتنا إلى الغرب أثناء العصور الوسطى مما أدى إلى انتهاء عصور الظلام وانطلاق عصر النهضة في أوروبا. يعود هذا إلى زمن العصر الذهبي للإسلام في الأندلس، حيث كانت تعج مكتبات غرناطة وقرطبة وغيرهم بمؤلفات العلماء المسلمين في شتى أنواع العلوم والفنون التي عثر عليها الأوروبيون حين اقتحموا حدود الأندلس واغتصبوها من أهلها، وكانت تلك المؤلفات هي البذرة التي ترعرعت منها كل المعارف الأوروبية في عصر النهضة.

 

2– التغلب على الإسلاموفوبيا أو التعصب ضد المسلمين:

ترجمة المؤلفات العلمية والأدبية والفنية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى من أكثر السبل فعالية لمحاربة والتغلب على الإسلاموفوبيا، التي يتغنى بها الإعلام الغربي كذباً وبهتاناً في كل فرصة، حيث إن تلك المؤلفات تسمح لجمهورها الأجنبي من التعرف على المسلمين والعرب بشكلٍ مباشر، دون وسيط ذي نوايا خبيثة ليدس سمه في نفوسهم.

 

3– التعرف على ألوان جديدة من الحياة:

تساعد الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى أصحاب تلك اللغات من التعرف على ألوان جديدة من الحياة؛ الحياة العربية الشرقية، حيث يرون ملامح تلك الحياة، وعادات وتقاليد أهلها من خلال مؤلفاتهم، التي تنبعث منها ثقافتهم كعبق خالد لا يتناثر أبداً؛ فيجذب الأنظار والأرواح.

 

4– فرصة لنا كي نتطور ونتقدم:

إن الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى لا تضيف فقط إلى ثقافة تلك اللغات، بل تضيف أيضاً إلى ثقافتنا فرصاً لكي نتطور ونتقدم، حيث إن قراءتنا لتلك الترجمات يضيف إلى مداركنا وجهات نظر جديدة، وجوانب أخرى عن ثقافتنا ومعارفنا ربما غفلنا عنها من قبل؛ فإن عملية الترجمة ليست مجرد نقل للكلمات من لغة إلى أخرى، وإنما هي محادثة حية بين عالمين.

 

 

هل الترجمة نقل لغة أم ثقافة؟

يمكن للترجمة أن تكون بهدف نقل لغة ما أو ثقافة ما، حيث إن هذا يعتمد على تقنية الترجمة المستخدمة للعمل على النص. 

 

إن كانت الترجمة حرفية؛ أي يقوم المترجم بمجرد ترجمة الكلمات، والتعبير عن معنى كل منها منفصلة بلغة الهدف، فإن عملية الترجمة هنا تستهدف نقل لغة. في هذه الحالة يركز المترجم على ترجمة الألفاظ، والتراكيب النحوية، واللغوية المستخدمة، بغض النظر عن العوامل الثقافية التي يتضمنها محتوى النص.

 

إن كانت الترجمة معنوية؛ أي يستهدف المترجم التعبير عن معنى النص بلغة الهدف، ولا يعير اهتماماً كبيراً للالتزام بنفس التراكيب النحوية أو الألفاظ المستخدمة في النص الأصلي، فهو يقوم بترجمة ثقافة النص في هذه الحالة.

 

على الجانب الآخر، اللغة في حد ذاتها هي أحد أوجه الثقافة. لذلك فحتى ترجمة اللغة فقط، دون الثقافة، يشوبه بعض دقائق ترجمة الثقافة. إن أمعنا النظر في هذه الفرضية سنجد أن الترجمة الحرفية اللغوية تقوم بمقارنة لغة النص الأصلي بلغة النص المترجم؛ أي تقوم بمقارنة لغتين مختلفتين تنتميان لثقافتين مختلفتين.

 

كيف ساهمت الترجمة في نهضة الأدب في العصر الحديث؟

ساهمت الترجمة في نهضة الأدب في العصر الحديث من خلال الخوض في مجموعة من المسارات بشكلٍ متوازٍ:

 

1– المدارس الأدبية المتبناة من الأدب الغربي:

وجود المدارس الأدبية العربية المتبناة من مدارس الأدب الغربي دليل على مساهمة الترجمة في الأدب العربي الحديث، حيث إن تبني الأفكار الأجنبية لا بد من أن يكون من خلال الترجمة. فمدرسة البعث والإحياء، والمدرسة الرومانسية، ومدرسة أبولو، ومدرسة المهجر جميعها أمثلة لمدارس أدبية تم بناؤها استناداً على مدارس أدبية غربية.

 

2– إضافة أنواع جديدة من الأدب: 

في القرن التاسع عشر، نشطت الترجمة الأدبية في العالم العربي، والتي سمحت للعرب أن يتعرفوا على ألوان الأدب لدى الغرب، فعرفوا المسرحية الغربية وحاولوا تقليدها حتى أتقنوه، وعرفوا فن القصة القصيرة عن طريق محاكاة القصص القصيرة الغربية المترجمة، وأضافوا إلى تميزهم في فن الشعر من خلال امتصاص ما رأوه حميداً في شعر الغرب بعد ترجمته.

 

3– تطور اللغة وتطور معانيها:

إن اللغة هي العامل الأساسي في عملية الإنتاج الأدبي، فهي ما يحول الأفكار المبهمة إلى كلمات يعقلها القراء؛ لذلك حين تطورت اللغة العربية بفضل دخول المفردات الأجنبية عليها، وتغير معاني بعض مفرداتها تأثراً بالثقافات الغربية، تغير الإنتاج الأدبي وتطور.

 

منذ تعرفنا على فن الترجمة كبشر، صارت أساس الحوار بين الحضارات، وقاضي التبادل الثقافي بين مختلف الدول والشعوب، مما أدى إلى العولمة التي جعلت كل أطراف العالم على اتصال وثيق بعضهم ببعض، وأصبح كل منهم يرتشف من ثقافة أخيه ما يعلي ثقافته وحضارته، وما يضيف إلى العالم من فنون وآداب وعلوم.

 

 

محتوى قد يهمك

Fast4Trans-logo-white