تتجاوز عملية ترجمة النصوص فكرة مجرد تحويل العبارات من لغة إلى أخرى، بل هي عملية تمكننا من تجاوز حدود اللغة والتواصل بين ثقافات متنوعة، قد يبدو الأمر سهلاً في مظهره الخارجي لكنه في الواقع يمثل تحديًا كبيرًا أمام المترجمين، حيث إنه في عالم مليء بالتعابير اللغوية والثقافات المتنوعة، نجد أن الترجمة الحرفية قد تكون غير كافية لنقل معاني النصوص بدقة وفهم عميق، وهنا نستكشف ضرورة الاعتماد على الترجمة التفسيرية في الكثير من حالات الترجمة.
والترجمة التفسيرية هي عملية متقدمة تعتمد على نقل المعنى بدقة بدلًا من الالتزام بالترجمة الحرفية، حيث يركز المترجم على تقديم النصوص بشكل يوضح المقصود منها للقارئ بلغة أخرى. تُستخدم هذه الطريقة في حالات مثل النصوص الأدبية، الدينية، والقانونية التي تتطلب تفسيرًا أعمق ومعالجة حساسة للمعاني الثقافية والمفاهيم الخفية. الترجمة التفسيرية تتيح فهمًا أوسع للتفاصيل، مما يعزز التواصل الثقافي ويقلل من سوء الفهم، ويضمن دقة في نقل الأفكار والمشاعر الأصلية، خاصة في المجالات المعقدة.
مفهوم الترجمة التفسيرية
الترجمة التفسيرية هي أحد أنواع الترجمة الأكثر تطورًا وفعالية، حيث تعكس مفهومًا عميقًا للترجمة تتجاوز مجرد التبديل اللفظي للنصوص بين اللغات المختلفة، فهي تسعى إلى نقل معاني ومضامين النصوص بشكل تفسيري للمعني يكون دقيق وشامل؛ مما يسهم في تحقيق تواصل أفضل بين اللغات والثقافات المختلفة، ويسهم في فهم أعمق للنصوص والمفاهيم الأجنبية بما يقابلها في اللغة المستهدفة.
ومن حيث التعريف الاصطلاحي فتُعرف الترجمة التفسيرية باسم الترجمة المعنوية أيضًا، وهي الترجمة التي لا يراعى فيها المترجم محاكاة النص الأصلي في نظمه وترتيبه، بل المهم فيها حسن تصوير المعاني وأغراض النص بشكل كامل.
وبحسب هذه الطريقة في الترجمة، فإن المترجم يركز فيها على المعنى الذي يدل عليه تركيب النص الأصلي فيفهمه ثم يعبر عنه في القالب المناسب في اللغة الأخرى، بشكل يتوافق مع مراد صاحب النص الأصلي من غير أن يكلف نفسه عناء الوقوف على كل كلمة لترجمتها، وبدون الحاجة للبحث عما يحل محلها.
ما النظرية التفسيرية في الترجمة؟
النظرية التفسيرية في الترجمة تُركز على نقل المعنى الحقيقي للنصوص بدلًا من الترجمة الحرفية. تُعنى هذه النظرية بتفسير الأفكار والمفاهيم المخفية بشكل يتناسب مع ثقافة اللغة المستهدفة، مما يساعد على إيصال المعنى بشكل أدق وأعمق. تستخدم النظرية التفسيرية بشكل خاص في النصوص الأدبية، الدينية، والقانونية حيث يتطلب الأمر فهمًا شاملًا للسياق وتفاصيله الثقافية، مما يعزز التواصل الثقافي ويفسح المجال لتقليل الفجوات في الفهم بين الثقافات المختلفة.
ما هي أساليب الترجمة التفسيرية؟
تشير أساليب الترجمة التفسيرية إلى مجموعة من النُهج التي يستخدمها المترجمون لنقل الرسالة بين اللغات من خلال التفسيرات المعنوية. تشمل هذه الأساليب الترجمة الحرفية، المدمجة، المنفصلة، الدلالية، والثقافية، حيث يختار كل أسلوب وفقاً لطبيعة النص واحتياجات القارئ، ومن أهم هذه الأساليب ما يلي:
1– الترجمة التفسيرية الحرفية:
إن الترجمة التفسيرية الحرفية من أساليب الترجمة التفسيرية، وهي أقرب ما يكون إلى الترجمة الحرفية العادية، حيث يقوم المترجم التفسيري بترجمة الألفاظ في لغة المصدر إلى مرادفاتها اللغوية من لغة الهدف، ويكتفي باختيار أفضل هذه المرادفات، وأكثرها صلاحية لتوضيح المعنى المراد من النص. يتم استخدام هذا الأسلوب غالباً في النصوص الدينية والسماوية التي لا يجب المخاطرة فيها بترجمة المعنى وتفسيره بشكلٍ خاطئ.
2– الترجمة التفسيرية المدمجة:
الترجمة التفسيرية المدمجة هي أحد أساليب الترجمة التفسيرية الأكثر استخداماً؛ ويعود هذا لكونها مناسبة في حالة قصر التفسير. في هذا الأسلوب من الترجمة التفسيرية يقوم المترجم بترجمة الألفاظ من لغة المصدر إلى لغة الهدف، ثم يقوم بإضافة تفسير قصير وبسيط لتلك العبارات لإبراز معناها للقارئ الأجنبي. تبرز الترجمة التفسيرية المدمجة في ترجمة الأعمال الأدبية والثقافية التي تتضمن دلالات ثقافية قد لا يتمكن القارئ الأجنبي من فهمها دون تفسير وتوضيح.
3– الترجمة التفسيرية المنفصلة:
أما في حالة طول التفسير اللازم إضافته إلى النص المترجم فحينها يُنصح باستخدام الترجمة التفسيرية المنفصلة، وهي أحد أساليب الترجمة التفسيرية التي يستعين المترجم بها حين يكون التفسير طويلاً ولا يمكن إضافته للنص نفسه. في هذه الحالة يقوم المترجم بإضافة هذا التفسير على هامش الصفحة، أو بشكلٍ منفصلٍ عن النص الذي يقوم بترجمته، حتى لا يتعرض القارئ إلى حالة من التشوش عند قراءة النص.
4– الترجمة التفسيرية الدلالية:
عند استخدام الترجمة التفسيرية الدلالية فلا بد على المترجم أن يتحلى بالجرأة والإقدام، حيث إنه لا يقوم بإضافة تفسير للعبارات المبهمة، وإنما يقوم باستبدال التفسير بالترجمة الحرفية للنص، فيستغني عن الألفاظ التي اختارها الكاتب الأصلي، في صالح تقديم المعنى ذاته بشكلٍ واضح وجلي.
5– الترجمة التفسيرية الثقافية:
حين يقوم المترجم التفسيري باستخدام الترجمة التفسيرية الثقافية فإنه يقوم بحذف المصطلح الثقافي في لغة المصدر، إضافة المصطلح الثقافي المقابل له في ثقافة اللغة الهدف. على سبيل المثال: إن كان المؤلف يتحدث عن جهاز أو تقنية معينة لا يعرفها قراء النص المترجم، فيقوم المترجم حينها باستبدال الجهاز أو التقنية المشابهة لها والتي يعرفها القراء بها حتى يحظوا بتجربة أقرب ما تكون من تجربة قراء النص الأصلي.
ما هي ضوابط الترجمة التفسيرية؟
للترجمة التفسيرية العديد من الضوابط والشروط التي تضمن قيامها بدورها، وإتمامها لوظيفتها التي يستخدمها المترجم من أجلها. من أهم ضوابط الترجمة التفسيرية ما يلي:
1– أن يكون نص الترجمة التفسيرية موضحاً للمعنى:
يجب أن يتيقن المترجم الذي يستخدم أساليب وتقنيات الترجمة التفسيرية من أن يكون نص الترجمة التفسيرية موضحاً للمعنى؛ فلا يكون في حد ذاته متصفاً بالغموض، أو يزيد من إبهام النص المترجم، وألا يكون ذاته معقداً لغوياً؛ فلا بد على المترجم أن يستخدم ألفاظاً بسيطة يسيرة الفهم.
2– أن يكون أسلوب التفسير المصاحب للنص المترجم مماثلاً لأسلوب النص المترجم:
من أهم ضوابط الترجمة التفسيرية التي ينبغي على المترجم أن يلتزم بها هي أن يكون أسلوب التفسير المصاحب للنص المترجم مماثلاً لأسلوب النص المترجم نفسه، فهو قد أصبح جزءاً لا يتجزأ من النص ويسري عليه كل ما يسري على النص؛ فعلى سبيل المثال: إن كان النص المترجم رواية أدبية فينبغي على المترجم أن يستخدم الأسلوب الأدبي المتبع في النص الأدبي في النص التفسيري.
3– دقة وشمولية الترجمة التفسيرية:
من أهم الضوابط التي يجب أن تتسم بها أي ترجمة تفسيرية هو أن تكون دقيقة وشاملة؛ فتحتوي على كل المعلومات والتفاصيل بإسهاب يبرز المعنى من النص. الجدير بالذكر أن الترجمة التفسيرية لا تحتمل أن تحذف أي جزء من المحتوى المعلوماتي الخاص بالنص، أو أن تضيف عليه بغير حاجة، وإنما يلزم على المترجم أن يلتزم بالمحتوى الخاص بالنص الأصلي تماماً.
4– الالتزام بالحيادية والموضوعية:
يجب أن ننوه أن الترجمة التفسيرية، والتفسيرات التي يلحقها المترجمون بالنصوص التي يقومون بترجمتها لا يمكن أن تخضع لرأي المترجم، أو توجهاته الدينية، الثقافية، الاجتماعية، أو السياسية، بل إن الالتزام بالحيادية والموضوعية يُعتبر من أهم ضوابط الترجمة التفسيرية.
ما الفرق بين الترجمة والتفسير؟
غالبًا ما يتم الخلط بين الترجمة والتفسير، وربما للوهلة الأولى قد يبدو للهواة وغير المتخصصين أن هذه الأنشطة متشابهة للغاية، إلا أنها في الواقع مختلفة تماماً، ويبرز هذا الاختلاف في بعض المناحي بوضوح:
- الفرق الرئيسي هو أن الترجمة تشير إلى نقل المعلومات المكتوبة من لغة المصدر إلى لغة الهدف، أما التفسير فهو يتم عند تحويل نص المعلومات الشفوية من لغة إلى أخرى.
- عند التطرق إلى الترجمة نجد أنها تتم بشكلٍ عام بين لغتين مختلفتين، أو على الأقل لهجتين مختلفتين لنفس اللغة، ولكن على الجانب الآخر نجد أن التفسير يمكن أن يتم داخل حدود نفس اللغة واللهجة، والاكتفاء بتبسيط الألفاظ التي استخدمها الكاتب الأصلي للتعبير عن المعلومات.
- يجب على المترجم أن يكون متقناً للغتي المصدر والهدف كتابياً، حيث إن عمله يعتمد بشكلٍ رئيسي على الكتابة، أما المفسر فلابد من أن يكون متقناً للغة المنطوقة، حيث إنها محور عمله بشكلٍ عام.
كيف تتم عملية الترجمة بشكل تفسيري؟
تمر عملية الترجمة التفسيرية بثلاث مراحل: أولاً، فهم النص الأصلي بعمق من خلال تحليل معانيه وسياقه. ثانيًا، تحويل النص إلى معاني ومفاهيم، ثم إعادة صياغة النص المُترجم ليكون مفهوماً بشكل مشابه للنص الأصلي، ونوضحها فيما يلي:
المرحلة الأولى: فهم النص الأصلي
يقوم المترجم في هذه المرحلة بمحاولة فهم النص الأصلي بشكل عميق، حيث يقوم بتحليل المفردات والسياق والمعنى، ليفهم مضمون النص بدقة ويقوم بتحليل مكوناته اعتمادًا على معرفته بالموضوع وإلمامه بثقافة اللغة التي صدر بها ومختلف المعطيات المعرفية التي يمتلكها المترجم حول هذا الموضوع.
المرحلة الثانية: تحويل النص إلى معاني وليس كلمات
هذه المرحلة تلعب دورًا حيويًا في عملية الترجمة التفسيرية،حيث يتعين على المترجم أن يقوم بتحويل النص من مجرد كلمات وعبارات إلى معاني ومفاهيم ودلالات، مثل الحياة الطبيعية فأنت قد لا تتذكر الكلمات التي قالها لك شخصٌ ما لكنك بالطبع ستتذكر ما تركته في نفسك من أثر وشعور ودلالات، كذلك يتخلص المترجم في هذه المرحلة من الألفاظ والصياغة اللغوية الخاصة بالنص الأصلي ويستبدلها بالتركيز على نقل معنى تلك الكلمات.
المرحلة الثالثة: إعادة الصياغة
في هذه المرحلة، يقوم المترجم بإعادة صياغة النص المُترجم بحيث يكون قابلًا للفهم بشكل مماثل لما كان عليه في اللغة الأصلية، ويعتمد هنا على أسلوبه الإبداعي ومعرفته اللغوية والثقافية بالمجتمع المستهدف وما قد يقبلونه وما لن يقبلونه؛ لنقل المعنى بدقة ووضوح دون حدوث لبس في الفهم.
متى نحتاج لاستخدام الترجمة التفسيرية؟
نحتاج لاستخدام الترجمة التفسيرية في حالات معينة، مثل ترجمة الأدب والشعر، حيث يتطلب الأمر نقل المشاعر والرموز الثقافية بدقة. كما تُستخدم أيضًا في النصوص الدينية والأكاديمية والقانونية والفنية، لضمان إيصال المعاني العميقة والمفاهيم بشكل واضح ودقيق، ومن بين الحالات التي تزداد فيها الحاجة للترجمة التفسيرية ما يلي:
1ـ ترجمة نصوص الأدب والشعر
عند ترجمة أعمال أدبية أو شعرية، يمكن أن يكون هناك صعوبة في نقل الأسلوب والمشاعر والرموز الثقافية بشكل دقيق، وفي الوقت نفسه لن تتمكن الترجمة الحرفية من التعبير عن تلك النصوص بأفضل شكل ممكن وقد لا يكون واضحًا في بعض الأحيان، لذلك يكون الحل الترجمة التفسيرية والتي تساعد في الحفاظ على جوهر النص وإيصال تأثيره بشكل أفضل.
2ـ الكتب والنصوص الدينية
عند ترجمة النصوص الدينية يواجه المترجمون تحديًا في كيفية إيصال المعنى بدقة، حيث إن مثل تلك النصوص لا تقبل الخطأ أو سوء الفهم، وتحتاج إلى أن تكون واضحة بشكل كامل وتعبر عن المعنى المقصود منها بأدق طريقة ممكنة.
حينها يكون من الصعب إيصال المعنى بمجرد ترجمة الكلمات بشكل حرفي، بل يحتاج الأمر إلى شرح النصوص ودلالاتها ومعانيها الخفية بشكل واضح؛ ليفهم المتلقي الهدف من النص بشكل صحيح ويتحقق الغرض المرجو من الترجمة الدينية.
لذلك يكون اللجوء للترجمة التفسيرية هو الحل الأنسب في هذه الحالة، حيث يسعى المترجم إلى استغلال عامل فهمه للنص الأصلي وثقافة المجتمع المستهدف من الترجمة أثناء قيامه بإعادة صياغة النصوص في صورتها النهائية.
3ـ المقالات الأكاديمية والأبحاث العلمية
عند ترجمة المقالات أو الأبحاث العلمية فيمكن أن تحتاج الترجمة إلى إظهار الأفكار والمفاهيم بدقة عالية وشرح أكبر، لذلك تناسب هذه الطريقة من الترجمة عملية نقل المعرفة والأفكار بدقة.
4ـ الترجمة القانونية
تحتاج ترجمة الكتب والنصوص القانونية والتشريعية إلى مزيد من الشرح والتفسير لبيان دلالات النصوص وأهدافها والحالات التي تنطبق عليها بأدق طريقة ممكنة.
5ـ الترجمة الفنية والسينمائية
يصعب ترجمة النصوص الفنية والسينمائية كلمة بكلمة وبتجرد عن المشاعر والدلالات الخفية وراء الكلمات، حيث إنه في تلك الأعمال يحتاج المتلقي إلى فهم الكلمات في سياق المشاعر التي أحاطت بها أثناء لفظها أو كتابتها؛ لتكتمل الصورة الذهنية وينغمس في الحالة النفسية للنص بشكل كامل، فيحدث التأثير المرجو من تلك الأعمال.
أهمية الترجمة التفسيرية
تلعب الترجمة التفسيرية أهمية كبيرة في نقل المعاني العميقة للنصوص وتعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب. كما تسهم في تقليل الفهم الخاطئ وتعريف غير الناطقين بالعربية بتعاليم الدين الإسلامي، مما يعزز الفهم المتبادل والإرث الثقافي، ونوضحها فيما يلي:
1ـ نقل المعاني العميقة
تسمح الترجمة التفسيرية بنقل المعنى الخفية والعميقة للنصوص بدلاً من مجرد الترجمة الحرفية للكلمات؛ مما يتيح للقراء الوصول إلى الرسالة والفلسفة والأفكار الموجودة في النص الأصلي.
2ـ تعزيز التواصل الثقافي
تساعد الترجمة التفسيرية في تعزيز التواصل بين مختلف الثقافات واللغات وتوجيه الانتباه إلى أوجه التشابه والاختلاف الثقافية، وكذلك تعزيز مفهوم التعددية الثقافية والتفاهم بين مختلف المجتمعات.
3ـ تقليل احتمالية الفهم الخاطئ
تساهم الترجمة التفسيرية في الحد من الفهم الخاطئ للنصوص الذي ينتج عن الغموض في بعض الكلمات والعبارات، حيث يسعى المترجم إلى توضيح المعاني بشكل يقضي على سوء الفهم بشكل كبير.
4ـ المساهمة في نقل التعاليم الدينية
تلعب الترجمة التفسيرية دورًا بارزًا في معرفة غير الناطقين باللغة العربية بتعاليم الدين الإسلامي، حيث تنقل لهم الأوامر والنواهي الدينية بطريقة مفسرة توضح لهم المعاني والدلالات بدقة من تلك النصوص المقدسة.
5ـ الاستفادة من الإرث الثقافي والعلمي للمجتمعات المختلفة
من خلال ترجمة النصوص الثقافية والأدبية والعلمية بشكل تفسيري، يمكن للأشخاص من مختلف المجتمعات الاستفادة لما توصلت إليه البلدان الأخرى من تقدم علمي، وكذلك يساهم هذا الأمر في التعرف على الجوانب الثقافية للآخرين من خلال الإطلاع على أعمالهم الأدبية؛ فيحدث تقارب نفسي بين المجتمعات المتباعدة جغرافيًا.
ما هي صفات المترجم التفسيري؟
ينبغي على المترجم التفسيري أن يتحلى ببعض الصفات التي تؤهله لأن يكون مترجماً بشكل عام، وتعزز استخدامه للترجمة التفسيرية بشكلٍ خاصٍ. من أهم هذه الصفات:
- أن يتقن لغتي المصدر والهدف إتقاناً شديداً يعينه على استخدامهما بشكلٍ سلس، وأن يجيد الفهم التعبير الكتابي والشفوي بكليهما مما يؤهله بأن يترجم النصوص المختلفة من أحدهما إلى الأخرى.
- أن يدرس المترجم نظريات وأساليب الترجمة دراسة متفحصة تمكنه من استخدام كل منها في موضعها الصحيح الذي يبرز معالم النص.
- أن يقوم بدراسة جوانب نظرية الترجمة التفسيرية المختلفة دراسة أكاديمية تساعده في توظيفها في النص بشكلٍ دقيق.
- أن يقوم بممارسة الترجمة العامة بشكلٍ مكثف، ويقوم بتوظيف تقنيات الترجمة التفسيرية على مختلف النصوص، مما سيمكنه أكثر من النظرية الترجمية وكيفية تطبيقها عملياً.
- أن يتحلى بحبٍ للمعرفة والمطالعة، وأن يكون مثقفاً، وعلى دراية بثقافات لغتي المصدر والهدف، وعلى اطلاع دائم بالمتغيرات الثقافية والاجتماعية العامة التي تطرأ على أصحاب تلك اللغات.
- أن يكون لديه مهارة البحث، وأن يتحلى بالصبر، حيث إن فهم بعض المصطلحات أو دلالات قد يكون عسيراً، ويستغرق وقتاً طويلاً من البحث.
- أن يكون قادراً على تنظيم وإدارة وقته بحكمة، وأن يكون واعياً بوقته، حتى يتمكن من تسليم المشاريع المختلفة في مواعيدها المحددة، وأن يعمل تحت ضغطٍ حين يكون العمل بحاجة إلى ذلك.
شروط الترجمة التفسيرية
شروط الترجمة التفسيرية تتطلب فهمًا عميقًا للنص وتجنب الانحراف عن معانيه الأصلية، مع ضرورة الالتزام بالحيادية والموضوعية. كما يجب على المترجم أن يكون واعيًا للسياق وثقافة الجمهور المستهدف، مع الانتباه لأدق التفاصيل، والقيام بمراجعة دقيقة للعمل المترجم، ومن بين تلك الشروط نذكر ما يلي:
1ـ فهم عميق للنص المصدر
يجب على المترجم أن يفهم النص المصدر بعمق وشمولية قبل الشروع في ترجمته، بما في ذلك محاولة الكشف عن معانيه ودلالاته وثقافته المرتبطة؛ ليتمكن من استكمال مراحل الترجمة التفسيرية الثلاث التي ذكرناها أعلاه.
2ـ الحيادية والموضوعية في الترجمة
ينبغي على المترجم المحترف الحفاظ على معاني النص الأصلي وعدم تشويهها أو تغييرها بسبب أهوائه أو آراءه، كل ما يجب عليه هو استغلال معرفته بثقافة المجتمع الأصلي والمستهدف، والالتزام بأن تكون الترجمة في ذلك النطاق دون الانحراف عنه.
3ـ القدرة على فهم النص في سياقه
يجب أن يعتمد المترجم على السياق المحيط بالنص لفهم معاني الكلمات والعبارات بدقة؛ لذلك يُفضل أن يمتلك المترجم مهارات تحليلية قوية لفهم هيكل النص المصدر والتفاصيل اللغوية والأدبية المختلفة الموجودة فيه؛ ليتمكن من فهم النص بشكل صحيح وبالتالي التعبير عنه بأسلوب مناسب.
4ـ التواصل مع المؤلف أو الجهة صاحبة النص الأصلي
عند ترجمة النصوص الحساسة أو الأعمال الأدبية، قد يكون التواصل مع المؤلف أو الجهة المسؤولة ضروريًا حتى يساعدونك في فهم النص بشكل واضح دون لبس وبالتالي تتمكن من ترجمته بأسلوب دقيق وملائم للجمهور المستهدف.
5ـ مراعاة أفكار الجمهور المستهدف
يجب أن تتناسب الترجمة مع الجمهور المستهدف وتكون ملائمة لاحتياجاتهم وثقافتهم بشكل كامل، وعلى المترجم أن يطوّع النص من حيث الصياغة ويغير فيه؛ حتى يتمكن من تحقيق هذا الهدف.
6ـ الاهتمام بأدق التفاصيل
يجب على المترجم أن يكون واعيًا بكافة التفاصيل المحيطة بالنص وتحليلها على الوجه الأمثل، حيث إن يمكن أن يؤدي غياب تفصيلة بسيطة إلى فهم النص بشكل مختلف عن المقصود وبالتالي ترجمته بشكل خاطئ، فالترجمة التفسيرية تتطلب الدقة والانتباه للتفاصيل الصغيرة الموجودة في النص لنقل المعاني بدقة.
7ـ القراءة والبحث المستمر
يجب أن يكون المترجم قارئًا نشيطًا وباحثًا مستمرًا في كل ما يتعلق بالمجال الذي يترجم فيه وكذلك الثقافة التي يترجم منها أو إليها؛ للبقاء على إطلاع دائم بكل جوانبها ومعرفة ما يتناسب معها وما لن يقبله أهل تلك الثقافة.
8ـ امتلاك المهارات اللغوية والأسلوبية
من الضروري أن يمتلك المترجم مجموعة من المهارات اللغوية والأسلوبية بخاصة عند القيام بترجمة النصوص بشكل تفسيري، حيث إنه في تلك الحالة لن يقوم بمجرد البحث عن مجموعة كلمات تعبر عن مثيلتها في النص الأصلي فحسب، بل أن الأمر يمتد إلى قيامه بالتعبير بأسلوب خاص عن المعاني والمشاعر المحيطة بالنص الأصلي، ولن يتمكن المترجم من القيام بذلك بدون امتلاك مهارة لغوية مميزة.
9ـ التحقق والمراجعة
يجب على المترجم أن يقوم بعملية مراجعة دقيقة للنص الذي عمل على ترجمته؛ للتأكد من توافق الترجمة مع مبادئ الترجمة التفسيرية وعدم وجود أخطاء به، وأن يقوم بمراجعته مع النص الأصلي حتى يتأكد أن كلا النصين يتوافقان في نفس المعنى الذي يصل للقراء.
10ـ الالتزام بالأخلاقيات
واحدة من أهم شروط الترجمة بشكل عام والترجمة التفسيرية بشكل خاص هو ضرورة الالتزام بمعايير أخلاقية عالية أثناء مختلف مراحل الترجمة، بما في ذلك احترام الخصوصية والسرية والدقة الكاملة في نقل المعاني دون تزييف وغيرها من الضوابط والأخلاقيات.
صعوبات وتحديات الترجمة التفسيرية
تواجه الترجمة التفسيرية تحديات كبيرة مثل الفروقات الثقافية واللغوية، مما يتطلب من المترجم القدرة على فهم السياق واختيار الأسلوب المناسب. كما تتضمن الصعوبات تعدد المعاني وضغوط الوقت، مما يفرض ضرورة التعبير بدقة وبساطة لتوصيل المعنى بشكل صحيح للجمهور المستهدف، ومن أبرز الصعوبات والتحديات الشائعة في الترجمة التفسيرية ما يلي:
1ـ التفسير الثقافي
يمثل التفاوت الثقافي بين اللغة المصدر واللغة المستهدفة تحديًا كبيرًا أمام المترجم، وذلك لأن المصطلحات والمفاهيم الثقافية قد تكون مختلفة بشكل كبير وتحتاج إلى مجهود كبير لتفسيرها بدقة لفهمها بشكل صحيح.
2ـ اللهجات والأساليب اللغوية
قد تحتوي اللغات على لهجات مختلفة وأساليب متنوعة للتعبير؛ لذا يجب على المترجم أن يكون قادرًا على التعامل مع هذه التباينات من حيث فهم المقصود بالكلمات بشكل دقيق حسب اللهجة التي قيلت بها، وكذلك عند اختيار الأسلوب المناسب للجمهور المستهدف.
3ـ تعدد المعاني للكلمة الواحدة
بعض الكلمات قد تحمل معانٍ متعددة في اللغة المصدر، ويجب على المترجم اختيار المعنى الصحيح بناءً على السياق العام للحديث حتى يتفادي أخطاء قد تحدث في الترجمة.
4ـ تحديات الوقت
عادة ما يتم استخدام الترجمة التفسيرية خلال الترجمة الشفهية، حينها يجب على المترجم التعامل مع ضغوطات الوقت وتقديم الترجمة بشكل فوري وبالدقة المطلوبة؛ مما يتطلب سرعة في التفكير وجودة في التعبير.
5ـ التعبير عن المعنى بدقة
يُعد التحدي الأساسي في الترجمة التفسيرية هو كيفية التعبير عن المعنى والسياق بدقة وبشكل يجعله مفهومًا للجمهور المستهدف بنفس الطريقة التي كانت موجودة في اللغة الأصلية.
6ـ السلاسة في أسلوب الكتابة
بعض المترجمين يقعون في فخ تعقيد الكلام عند ترجمة النصوص بشكل تفسيري؛ لذا يجب على المترجم أن يعي أن مهمته الأساسية تكمن في توضيح معنى النص الأصلي لكن بأسلوب بسيط ويخلو من التعقيدات اللغوية؛ حتى تحقق الترجمة هدفها بأفضل صورة ممكنة.
الفرق بين الترجمة الحرفية والتفسيرية
تتشابه كل من الترجمة الحرفية والتفسيرية في الهدف العام وهو نقل نص معين من لغة إلى أخرى، لكن هناك بعض الفوارق البسيطة التي تفرق بين كلا النوعين، وسنوضحهم فيما يلي:
1ـ الهدف الرئيسي من الترجمة
الترجمة الحرفية: يكمن الهدف الرئيسي للترجمة الحرفية في نقل الكلمات والعبارات من لغة المصدر إلى لغة الهدف بدقة وبأقرب ما يمكن لفكرة الترادف الحرفي، دون التركيز على فهم السياق أو المعنى العميق.
الترجمة التفسيرية: يتمحور الهدف الرئيسي للترجمة التفسيرية في نقل المعنى والدلالات العميقة للنص المصدر، وليس مجرد ترجمة للكلمات، حيث تسعى إلى فهم الرسالة والسياق والثقافة والأسلوب ونقلهم بدقة إلى لغة أخرى وبطريقة تعبر عن الأفكار والمعاني.
2ـ الدقة والمرونة في الترجمة
الترجمة الحرفية: تهتم بالدقة اللغوية والتركيز على ترجمة الكلمات والعبارات بشكل مباشر دون إحداث أي تغيير.
الترجمة التفسيرية: تميل إلى أن تكون أكثر مرونة، حيث يمكن ترجمة النص بطرق مختلفة لضمان نقل المعنى بشكل دقيق وملائم للسياق والجمهور حتى لو لم يتم ترجمة كل كلمة موجودة في النص الأصلي.
3ـ التركيز على السياق والمعنى
الترجمة الحرفية: غالبًا ما تتغافل عن ترجمة السياق والمعنى العميق وراء النص، وقد تفقد بعض التفاصيل والرموز الثقافية، فالأهم بالنسبة لها هو ترجمة الكلمات بشكل مباشر.
الترجمة التفسيرية: تميل إلى التركيز الكبير على فهم السياق والمعاني والثقافة المتعلقة بالنص المصدر؛ لضمان نقل التأثير العام الذي يسعى النص إلى إحداثه في نفس المتلقي بطريقة واضحة وعميقة.
4ـ مجالات الاستخدام
الترجمة الحرفية: غالبًا ما تُستخدم في الوثائق الرسمية أو الترجمة السريعة أو أي نص يكون الهدف الرئيسي من ترجمته هو الحصول على معلومات سريعة عن معنى الكلمات فقط.
الترجمة التفسيرية: تُستخدم في الأعمال الأدبية والنصوص الدينية والأبحاث والمحتوى الثقافي وأي نص يتطلب فهمًا عميقًا للمعنى والسياق قبل ترجمته.
باختصار، فإن الترجمة الحرفية تركز على نقل الألفاظ بدقة من لغة لأخرى، بينما الترجمة التفسيرية تهدف إلى نقل المعنى والدلالات العميقة للنص، ويجب عليك أن تختار النوع المناسب من الترجمة حسب الغرض والنص المعني واحتياجات الجمهور.
احترف الترجمة القانونية مع خبراء فاست ترانس
هل ترغب في تطوير مهاراتك في الترجمة القانونية ومواجهة التحديات التي تواجه المترجمين المبتدئين؟ نحن في فاست ترانس ندرك أن الترجمة القانونية تتطلب دقة وخبرة تتجاوز مجرد نقل الكلمات. انضم إلى دوراتنا التدريبية المتخصصة لتحصل على المعرفة والمهارات التي تؤهلك لتقديم ترجمات قانونية دقيقة، موثوقة، ومهنية
ابدأ رحلتك نحو التميز في الترجمة القانونية اليوم! للمزيد من التفاصيل، تصفح الدورة الآن!
الخاتمة
الترجمة التفسيرية تُعدّ نهجًا متقدمًا في مجال الترجمة، يتجاوز الترجمة الحرفية التقليدية. يهدف هذا النوع إلى نقل المعاني بشكل دقيق وشامل، مع مراعاة السياق الثقافي واللغوي للنص الأصلي، دون التقيّد بنسخ الترتيب اللغوي والكلمات حرفيًا. يعتمد المترجم في الترجمة التفسيرية على فهم النص الأصلي بعمق، ثم التعبير عنه بأسلوب يراعي تفاصيل ومعاني النص في اللغة الهدف، مما يساعد على تقليل احتمالات سوء الفهم وتعزيز التواصل بين الثقافات المختلفة.
تتنوع أساليب الترجمة التفسيرية لتشمل الترجمة الحرفية التفسيرية، والدمج بين الترجمة والتفسير المختصر، وأحيانًا تُضاف تفسيرات منفصلة لشرح المعاني بوضوح. هذا النوع من الترجمة يُستخدم في نصوص معقدة مثل الأدب، النصوص الدينية، والمقالات الأكاديمية، حيث يسعى المترجم إلى نقل المعاني الدقيقة والأفكار العميقة التي قد لا تكون واضحة من خلال الترجمة المباشرة.