يتميز علم الترجمة باحتوائه على العديد من النظريات التي تنظم طريقة العمل فيه، حيث تسهل تلك النظريات من عملية تحويل النصوص من لغة لأخرى، ومن بين أشهر النظريات في الترجمة تأتي نظرية الأنظمة المتعددة Polysystem
وتعد نظرية النظم المتعددة في الترجمة منهجًا فريدًا يُحلل النصوص الأدبية كجزء من نظام أدبي متكامل يتفاعل مع السياقات الاجتماعية والثقافية. تركز النظرية على أن الترجمة ليست مجرد نقل للكلمات، بل هي عملية ديناميكية تؤثر وتتأثر بالعناصر الأخرى، من خلال ثلاثة معايير رئيسية تحدد خيارات المترجم وتوجه اختيارات النصوص، مما يعزز جودة الترجمة ويجعلها جزءًا فعالًا من الثقافة المستهدفة.
ما هي نظرية النظم المتعددة في الترجمة؟
تعتبر نظرية النظم المتعددة Polysystem theory إحدى النظريات الفعالة والمؤثرة في الترجمة والتي نشأت على يد كل من إيفين زوهار وجدعون توري، وذلك في سبعينيات القرن الماضي، وهي عبارة عن مجموعة غير متجانسة ومتراتبة من المنظومات التي تؤثر في بعضها البعض بشكل ديناميكي ضمن منظومة شاملة متعددة المعاني، حيث إن النصوص الأدبية المترجمة حسب هذه النظرية تشكل جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الدينية أو السياسية.
وتُعرف نظرية الأنظمة المتعددة، بحسب قاموس دراسات الترجمة، على أنها نظرية تفسر سلوك النظام الأدبي وتطوره، كما يشير هذا المصطلح إلى وجود تكتل طبقي من العناصر المترابطة مع بعضها البعض والتي تتغير وتتحول مع تفاعل تلك العناصر فيما بينها.
ولقد تعددت مسميات نظرية النظم المتعددة في اللغة العربية، فمن ضمن تلك الأسماء: “نظرية النظام التعددي، ونظرية النسق المتعدد، ونظرية تعدد الأنساق، ونظرية تعدد النظم، ونظرية المنظومة المتعددة”.
كيفية عمل نظرية النظم المتعددة
تقوم نظرية الأنظمة المتعددة على فكرة أنه لا يتم دراسة الأعمال الأدبية المترجمة بشكل منعزل عن الآخر، بل أنها تعتبر جزءًا من النظام الأدبي، فالأدب ما هو إلا جزء من الإطار الاجتماعي والثقافي والأدبي والتاريخي بالمجتمع، ويمكنه إحداث تأثير على الآخرين.
وبهذا المعنى، فإن الأدب المترجم الذي يتم جلبه من ثقافة إلى أخرى يمكن أن يؤثر بشكل واضح على الكتابات المحلية الموجودة في تلك الثقافة المستهدفة، ولكن تختلف شدة ذلك التأثير بناءً على مجموعة من الأسباب الأخرى المحيطة.
وتقول “سنيل هورنبي” إنه يمكن أن يتم النظر إلى الترجمة الأدبية -بحسب نظرية النظم المتعددة- على أنها تشكل عنصرًا مهمًا يشارك في الصراع المستمر من أجل البقاء والهيمنة، وأن هذه النظرية تنظر إلى الترجمة بشكل أساسي على أنها جزء لا يتجزأ من الثقافة المستهدفة وليس مجرد إعادة إنتاج لنص ما.
اقرأ ايضا: ما هي نظرية سكوبوس في الترجمة
معايير نظرية الأنظمة المتعددة
تعتمد معايير نظرية الأنظمة المتعددة في الترجمة على ثلاثة أنماط رئيسية: الأولية التي تحدد خيارات الالتزام بمعايير النصوص الأصلية أو المستهدفة، والتمهيدية التي تتناول سياسة اختيار النصوص وظروف الترجمة، والعملياتية التي تركز على الإجراءات الفنية مثل حذف الفقرات واختيار الأساليب، وفيما يلي توضيح لهذه المعايير:
1- معايير أولية Initial norms
ويتعلق هذا المعيار بخيار عام يختاره المترجمون الذين إما يأخذون بمعايير النص المصدر فيقومون بإنتاج نص وافي Adequate أو يقومون بالأخذ بمعايير النص الهدف، والذي يترتب عليه إنتاج نصًا مقبولًا Acceptable.
2- معايير تمهيدية Preliminary norms
ويتضمن هذا المعيار الأمور التي تتعلق بسياسة الترجمة أي العوامل التي تحدد انتقاء النصوص بغرض الترجمة في لغة محددة وزمن معين، وكذلك مباشرة الترجمة أي هل ستتم الترجمة عبر لغة وسيطة أم لا؟
3- معايير عملياتية Operatioal norms
وتحتوي على المعايير الشبكية مثل عملية الحذف ونقل الفقرات، بالإضافة إلى المعايير النصية اللغوية مثل العبارات والأساليب اللغوية وغيرها.
وبناء على تلك المعايير تم صياغة ما يُعرف بقانوني سلوك الترجمة وهما “قانون التوحيد المتنامي – Low of Growing Standardization” و”قانون التداخل – Low of Interference”.
ويوضح قانون التوحيد المتنامي أنه يتم تعطيل بنية النص الأصلي خلال القيام بعملية الترجمة والاعتماد على اختيار مجموعة من الخيارات اللغوية المنتشرة في اللغة المستهدفة، حيث يمثل ذلك الأمر وجود نزعة نحو عملية التوحيد العام بل وإحداث تكييفًا مع الثقافة المستهدفة وغياب التنوع الأسلوبي.
أما قانون التداخل فيشير إلى القيام بنسخ المعالم اللغوية الخاصة بالنص المصدر، وبخاصة المعالم المعجمية أو النظمية، ونقلها إلى النص الهدف، ويحدث ذلك إما بشكل سلبي لأنه يترتب عليها وجود أنماط غير طبيعية في النص الهدف، أو أن يكون ذلك بشكل إيجابي حيث إن وجود معالم في النص المصدر لا تعتبر غير طبيعية في النص الهدف يمكن أن يرجح فرصة أن يتمكن المترجم من استخدامها خلال عمله.
اقرأ ايضا: كيفية عمل النظرية التأويلية في الترجمة
احصل على ترجمة أدبية احترافية مع شركة فاست ترانس
أما إذا كنت تبحث عن ترجمة أدبية معتمدة واحترافية تراعي الأسس والقواعد العلمية في الترجمة بكل دقة، فتأكد أن شركة فاست ترانس للترجمة المعتمدة هي الخيار الأمثل للحصول على ترجمة بأعلى مستويات الجودة والدقة من خلال فريق كبير من المحترفين على أتم استعداد لمساعدتك.
كل ما عليك هو أن تتواصل مع فريق خدمة العملاء في شركتنا، وتوضيح كل ما تريده في عملك؛ لنبدأ معًا الطريق نحو تحقيق أهدافك بنجاح.
احترف الترجمة القانونية مع خبراء فاست ترانس
هل ترغب في تطوير مهاراتك في الترجمة القانونية ومواجهة التحديات التي تواجه المترجمين المبتدئين؟ نحن في فاست ترانس ندرك أن الترجمة القانونية تتطلب دقة وخبرة تتجاوز مجرد نقل الكلمات. انضم إلى دوراتنا التدريبية المتخصصة لتحصل على المعرفة والمهارات التي تؤهلك لتقديم ترجمات قانونية دقيقة، موثوقة، ومهنية
ابدأ رحلتك نحو التميز في الترجمة القانونية اليوم! للمزيد من التفاصيل، تصفح الدورة الآن!
الخاتمة
تعتبر نظرية النظم المتعددة واحدة من النظريات الرائدة في مجال الترجمة، وقد تم تطويرها في السبعينيات على يد إيفين زوهار وجدعون توري. تركز هذه النظرية على فهم الأدب المترجم كجزء من نظام أدبي أكبر، حيث تتداخل النصوص مع السياقات الاجتماعية والثقافية والسياسية. تتعامل النظرية مع النصوص كعناصر ديناميكية تؤثر وتتأثر ببعضها البعض، مما يجعل الترجمة ليست مجرد نقل كلمات، بل عملية معقدة تساهم في تشكيل الثقافة المستهدفة.
تعتمد نظرية النظم المتعددة على ثلاثة معايير رئيسية: المعايير الأولية التي تحدد الخيارات الأساسية للمترجم، المعايير التمهيدية التي تركز على سياسة الترجمة واختيار النصوص، والمعايير العملياتية التي تشمل الإجراءات اللغوية والنصية. من خلال هذه المعايير، يتم صياغة قانونين رئيسيين: قانون التوحيد المتنامي الذي يشير إلى تعطيل بنية النص الأصلي لمواءمة الثقافة المستهدفة، وقانون التداخل الذي يعكس كيفية نقل خصائص النص المصدر إلى النص المترجم. تساعد هذه النظرية المترجمين على فهم السياق الأوسع الذي يعملون ضمنه وتعزيز جودة ترجماتهم.