تتسم الترجمة الدينية الإسلامية بالتحديات الثقافية واللغوية التي تعقّد عملية نقل المعاني بين اللغات. ومن صعوبات الترجمة الدينية أنه يتعين على المترجمين فهم الفروقات الثقافية العميقة والتعبيرات المرتبطة بالمفاهيم الإسلامية، مما قد يؤدي إلى اختيارات دقيقة في المصطلحات لتفادي الإساءة.
كما أن الطبيعة المعقدة للنصوص الدينية، مثل القرآن، تفرض صعوبات إضافية في الحفاظ على المعنى الأصيل. إضافةً إلى ذلك، تواجه الترجمات صعوبة في وجود مقابلات دقيقة للمصطلحات الإسلامية، مما يستدعي استخدام استراتيجيات متنوعة، مثل الشرح المقتضب والمصطلحات الوصفية، لضمان نقل المعاني بدقة ووضوح.
صعوبات الترجمة الدينية وكيفية تداركها
تتضمن تحديات الترجمة الإسلامية صعوبات ثقافية ولغوية تتطلب فهماً عميقاً للمفاهيم الدينية والقيم الثقافية المستهدفة، ونوضحهما كالآتي:
التحديات الثقافية للترجمة الدينية
هناك بعض القيود الثقافية التي يواجهها المترجم أثناء العمل على أي نصوص دينية إسلامية، ومن بين تحديات الترجمة الإسلامية الخاصة بالجانب الثقافي ما يلي:
1- التناقض بين الثقافة المستهدفة والمفهوم الديني
تتطلب الترجمة الدينية فهمًا عميقًا للثقافة العربية التي نشأ فيها الإسلام وثقافة الجمهور المستهدف والمفاهيم الدينية الإسلامية، حيث قد يواجه المترجمون تحديات في فهم الثقافة والتعبيرات المرتبطة بالإسلام؛ مما قد يعوق عملهم.
كما أنه قد تختلف القيم والمعتقدات والتعبيرات اللغوية بين الثقافات المختلفة؛ مما يحتم عليك اختيار المصطلحات والتعبيرات المناسبة التي تناسب الثقافة المستهدفة وتوصل المعنى بدقة في نفس الوقت.
2- الحساسية الثقافية بين المجتمعات المختلفة
قد يحتاج المترجم إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب التعبيرات أو الألفاظ التي قد تكون مسيئة أو غير مقبولة في الثقافة المستهدفة؛ مما يمثل أحد أكبر صعوبات الترجمة الدينية.
ويمكن التعامل مع هذا الأمر باستخدام الأمثلة التوضيحية الملائمة للثقافة المستهدفة لتسهيل فهم النصوص الدينية الإسلامية، حيث قد يكون من الضروري توفير تفسيرات إضافية للمفاهيم الثقافية الخاصة بالإسلام للجمهور غير المسلم.
3- عدم الإخلال بأصالة المعاني الإسلامية
يواجه بعض المترجمين صعوبة في الاحتفاظ بالمعنى الأصلي للنص أثناء الترجمة، حيث يجب عليك أن تعمل على الحفاظ على الأسلوب والتعبيرات الجمالية والقوة الروحية الخاصة بالنص الديني الأصلي بعد ترجمته.
تحديات الترجمة الإسلامية من الناحية اللغوية
كما أن هناك العديد من التحديات الثقافية في الترجمة الدينية فإن هناك مجموعة كبيرة من صعوبات الترجمة الدينية
متعلقة بالجانب اللغوي، ونذكر منها ما يلي:
1- الطبيعة الدقيقة للقرآن والنصوص الإسلامية وتأثيرها على الترجمة الدينية
تشكل الطبيعة المعقدة لأسلوب اللغة القرآنية والنصوص الدينية عقبة فى طريق الترجمة، بالإضافة إلى أن السمات القرآنية غريبة عن المعايير اللغوية للغات الأخرى.
بعبارة أخرى، تتميز هذه النصوص الدينية بالبلاغة والسمات الأسلوبية المميزة والتراكيب اللغوية.
ومن السمات الجديرة بالملاحظة في القرآن والنصوص الدينية أن كل كلمة في اللغة المستهدفة يجب أن تستدعي نفس الانطباع والمشاعر من الجمهور تمامًا مثل الكلمات العربية، وهذا يعني أن التعامل مع النصوص الإسلامية يتجاوز بكثير فهم الكلمات والجمل.
بالإضافة إلى ذلك تتطلب هذه الميزات الفريدة فهم المحتوى العميق واعتبارات السياق، وبالتالي يتعلق السياق هنا بالخلفية الثقافية والتاريخية والآثار غير المباشرة والعوامل الانفعالية.
2- ملئ الفرج اللفظية للتغلب على تحديات الترجمة الإسلامية
ينص هذا الأسلوب في نظرية الترجمة على قيام المترجم بإضافة كلمات وإشارات وضمائر وأسماء وأفعال يرى أنها غائبة في نص الترجمة وضرورية لتوضيح إشارة غامضة أو كلمة ناقصة، لذا لا بد من توضيحها بإضافة كلمة أو كلمتين باللغة الأجنبية.
كلمة “طواف” circumambulation هي طواف أو دوران حول أي شيء، لكنه كمصطلح إسلامي هو طواف حول الكعبة المشرفة بوصفه عبادة عظيمة، إذن هناك شيء ناقص في الترجمة في هذه الحالة ينبغي للمترجم إضافته مثل: around the Kaaba (حول الكعبة) لتوضيحه.
3- قصور المصطلح الإنجليزي عن التعبير الدقيق عن المدلولات الإسلامية
تعتبر الكثير من الترجمات للمصطلحات الإسلامية ترجمات تقريبية قاصرة عن احتواء المعاني الكاملة للمصطلح الإسلامي، حتى فى وجود المقابل فى اللغة المستهدفة، وذلك لأن اللفظ المستخدم محمل بدلالات معينة داخل سياقات خاصة، ولذلك يضطر المترجم أن يضحى بجزء من المعانى من المصطلح الإسلامي حين يستخدم هذا اللفظ.
4- غياب المصطلح الإسلامي في اللغة المستهدفة مما يجعل ترجمته صعبة
تشكل المصطلحات الإسلامية التي ليست من مفردات اللغة الأجنبية ومفاهيمها أو مفاهيم الديانات الأخرى عبئًا ثقيلًا على المترجم وهي من صعوبات الترجمة الدينية الشهيرة، وذلك لعدم وجود مقابل لهذه المعاني فى اللغة المستهدفة كالجهاد، والحديث الشريف ومصطلحاته كالإسناد والتخريج ومراتب الحديث وأنواعه، والبيت الحرام، ومناسك الحج، وزكاة الفطر، والقيام، وغيرها كثير.
5- تضارب المترادفات مع معنى المصطلح الإسلامى
مشكلة مصطلح تعدد الزوجات، حينما نبحث في المعاجم المتخصصة نجد أن هذا المصطلح مترجم خطأ بـ bigamy أو polygamy لأن هذين المصطلحين سلبيان ويستخدمان للتعبير عن جريمة تعدد الزوجات في المجتمعات الغربية أو الأزواج، إذن المصطلح مرفوض لأنه لا يمت بصلة إلى شرعنا الإسلامي.
ولذلك ربما يصلح مصطلح مثل polymarriage/multimarriage وإن كان غير متعارف عليه في الإنجليزية أو إضافة Legal لمصطلح polygamy يصلح من الأمر وينقل المعنى العام للمصطلح الإسلامي بمعنى تعدد زوجات شرعي أو قانوني.
6- تطابق المصطلح الأجنبي مع المصطلح الإسلامي ظاهرًا واختلافه في المعنى
ونقصد بها المصطلحات الأجنبية المطابقة ظاهرًا لمصطلحات إسلامية والمختلفة ضمنًا في معناها عنها، مثل هذه المصطلحات تعتبر فخًا قد يقع فيه بعض المترجمين.
والمثال على هذه المصطلحات: لفظة “فقير” الموجودة في الإنجليزية بهذا اللفظ، وهي لا تمت في معناها بصلة لمعنى فقير بمعنى المحتاج أو المسكين، بل هي إشارة إلى أحد أفراد جماعة دينية إسلامية أو هندوسية كما تقول مراجع اللغة الإنجليزية المعتمدة، على أن أصلها من كلمة “فقير” العربية بمعنى poor لكنها لم تعد مرادفة لها، لذا لا بد للمترجم من توخِّي الحذر والدقة عند وجود مثل هذه المصطلحات.
7- التعارض الثقافي بين اللغة العربية التي هي مصدر الشريعة واللغات المستهدفة
هناك من المصطلحات الأجنبية ما يتعارض ثقافيًا مع مرادفاتها الإسلامية، لا بد من أخذ حذرنا منها في الترجمة، فمثلًا ترجمة جهاد بـ war (حرب) أو فتوحات إسلامية بـ Islamic Colonization (استعمار إسلامي) وما شاكلها غير مقبولة مطلقًا.
فالجهاد ليس مجرد حرب، بل قتال في سبيل الله، أو حرب مقدسة (Holy war) على أقل تقدير، كما أن الفتوحات الإسلامية ليست استعمارًا بأي شكل من الأشكال، بل هي جهاد في سبيل الله وفتح للبلاد لنشر الإسلام دين الرحمة والعدل؛ لذا فإن المصطلح المقبول في الإنجليزية هو liberation.
كيفية التغلب على مشاكل الترجمة الدينية الاسلامية
تتضمن استراتيجيات التغلب على صعوبات ومشاكل الترجمة الدينية الإسلامية استخدام المعاني الحرفية، المرادفات مع الشرح، والترجمة المقتضبة لتوضيح المصطلحات. من المهم أيضًا مراعاة نوع النص لضمان دقة الفهم بين القراء غير الناطقين بالعربية، وهى كما يلى:
1. المعني الحرفي
وتستخدم تلك الطريقة في التغلب على صعوبات الترجمة الدينية حين وجود المقابل اللفظي المباشر للمصطلح الإسلامي، مثل لفظ الكتاب the book/ scripture.
2. المرادف المباشر مع كلمة شارحة للمصطلح الإسلامي
وهذه الكلمة تكون موضحة لنوع الكلمة التي تصفها نظرًا لاحتمال عدم وضوحها لقارئ اللغة الإنجليزية، مثل لفظ صوم رمضان (fasting of the month of Ramadan)، أضيفت هنا كلمة “شهر” لبيان رمضان.
3. الترجمة الحرفية المباشرة مع الشرح
وذلك حينما لا تفي الترجمة الحرفية بالغرض وتحتاج إلى توضيح، مثال: “الحجر الأسود” (the Black stone: the holy stone niched in the Ka‘bah)، حيث أضيفت عبارة ”الحجر المقدس” الموضوع في الكعبة، لكي تتضح.
4. الشرح المقتضب يتغلب على مشاكل الترجمة الدينية الاسلامية
حينما لا يوجد مرادف مباشر أو غير مباشر للمصطلح الإسلامي، ولا تجدي الترجمة الحرفية ولا المصنف نفعًا، يلجأ المترجم إلى الشرح المقتضب ما أمكن. مثال: “زكاة الفطر”: a compulsory charity to be delivered by every Muslim towards the end of Ramadan, the month of fasting
5. كتابة المصطلح الإسلامي بالحروف اللاتينية ثم كتابة المعنى بالحاشية
يمكن في حال الغياب الكامل للمصطلح الإسلامي في اللغة الهدف، أن يلجأ المترجم كحل أخير إلى رسمه تمامًا كما يُلفظ في اللغة العربية بأحرف لاتينية، ثم يشرحه باللغة الأجنبية.
ويمكن أن نضرب هنا مثالًا للفظ الكعبة (Ka‘bah: the House of Allah and the direction of prayers)، وهذه الطريقة في الترجمة مطلوبة حتى في حال الاعتراف رسميًا بالمصطلح الإسلامي العربي وضمه إلى اللغة الأجنبية، لسبب بسيط وهو أنه قد لا يكون معروفًا لقاعدة عريضة من القراء.
ولا بد من الأخذ فى الاعتبار نوع النص والترجمة المطلوبة له؛ فكتب الفقه يسهل فيها شرح الألفاظ وتبسيطها والتوسع فيها على عكس ترجمة القرآن والتى تتطلب الترجمة المقتضبة والترادف المباشر للمعاني.
أما في ترجمة كتب الفقه، فالأولوية ربما للمرحلة الأخيرة المذكورة آنفًا؛ نظرًا لأن طبيعة النص المترجم تسمح بذلك من خلال تكفل السياق بشرح المصطلح المحول بحروف لاتينية.
أنواع المصطلحات الإسلامية وكيفية ترجمتها
تتعدد أنواع المصطلحات الإسلامية في الترجمة، مثل المرادف الوصفي الذي يشرح المعنى، والمرادف الوظيفي الذي يركز على وظيفة المصطلح. تشمل هذه الأنواع أيضًا المرادف الديني والإيحائي والثقافي، حيث تُستخدم ألفاظ مختلفة حسب السياق الثقافي والوظيفي للمصطلح، ونذكر منها ما يلى:
1. المرادف الوصفي
طبقًا لهذا المرادف، يتم ترجمة المصطلح الإسلامي بعبارات وصفية تشرح معنى المصطلح وتوضحه، كما فى ترجمة لفظ المسجد الحرام إلى the holy mosque in Makkah.
2. المرادف الوظيفى
ومن صعوبات الترجمة الدينية وجود المرادف الوظيفي وطبقًا لهذا المرادف يتم ترجمة المصطلح تبعًا لوظيفته والغاية منه والمراد من فهمه، كما فى ترجمة لفظ القبلة إلى prayer direction.
3. المرادف الإشاري
وهنا نستخدم لفظًا يشير من قريب إلى ترجمة المصطلح في اللغة المستهدفة، كما فى ترجمة لفظ فتوى إلى verdict.
4. المرادف الديني
وهنا نترجم المصطلح بألفاظ دينية مقابلة في اللغة المستهدفة، وإن كانت تحمل عند المتلقي معاني أخرى مثل: ترجمة البيت الحرام إلى the holy house of God.
5. المرادف الإيحائي
وهنا يترجم المصطلح حسب موقف المترجم وثقافته، كما فى ترجمة لفظ بيت الطاعة إلى husband’s house.
6. المرادف الثقافي
وهنا يستخدم المترجم المقابل الموجود فى الثقافة الأخرى حتى وإن كان لا يحمل المعانى الموجودة في المصطلح الإسلامي، كما فى ترجمة لفظ زكاة إلى tax.
فاست ترانس | أفضل شركة ترجمة متخصصة في الترجمة الإسلامية
إن كنت تبحث عن خدمات ترجمة متخصصة فى الترجمة الاسلامية وتراعي كل الضوابط والمعايير للخروج بترجمة إسلامية متميزة، فحتمًا سوف تجد ضالتك فى شركة فاست ترانس للترجمة، والتى تلتزم بجميع المعايير السابقة وتطبق أفضل الممارسات للتغلب على تحديات الترجمة الإسلامية وتتبع نظام صارم في تحقيق الجودة، وتحافظ على التواصل الجيد مع العملاء. فى فاست ترانس، تأكد من أننا نقدم لك ترجمة دقيقة لكافة التخصصات بما فيها الترجمة الدينية يقوم بها أشخاص لديهم الكفاءة والخبرة لترجمة التخصص الموكل إليهم، وبصياغة مألوفة في هذا التخصص، ويمكنك كذلك توقع عملية سلسة ونتائج موثوقة وعالية الجودة.
احترف الترجمة القانونية مع خبراء فاست ترانس
هل ترغب في تطوير مهاراتك في الترجمة القانونية ومواجهة التحديات التي تواجه المترجمين المبتدئين؟ نحن في فاست ترانس ندرك أن الترجمة القانونية تتطلب دقة وخبرة تتجاوز مجرد نقل الكلمات. انضم إلى دوراتنا التدريبية المتخصصة لتحصل على المعرفة والمهارات التي تؤهلك لتقديم ترجمات قانونية دقيقة، موثوقة، ومهنية
ابدأ رحلتك نحو التميز في الترجمة القانونية اليوم! للمزيد من التفاصيل، تصفح الدورة الآن!
الخاتمة
تواجه الترجمة الدينية الإسلامية تحديات ثقافية ولغوية متعددة، مما يجعل عملية النقل بين اللغات صعبة. من بين صعوبات الترجمة الدينية، يظهر التناقض بين الثقافة المستهدفة والفهم العميق للمفاهيم الدينية الإسلامية، مما يستلزم من المترجمين اختيار المصطلحات والتعابير بعناية لتجنب الإساءة أو الغموض. كما أن الحفاظ على أصالة المعاني الإسلامية يمثل تحديًا، إذ يجب أن يتمكن المترجم من نقل القوة الروحية والجمالية للنصوص الأصلية دون فقدان المعنى.
أما على الجانب اللغوي، فتعتبر طبيعة النصوص الدينية، مثل القرآن، عقبة كبيرة بسبب تعقيد الأسلوب والدلالات الثقافية الخاصة بها. بالإضافة إلى ذلك، يعاني المترجمون من عدم تطابق المصطلحات بين اللغات، حيث تفتقر الكثير من المفردات الإسلامية إلى مقابلات دقيقة في اللغات الأخرى، مما يتطلب إضافات وتوضيحات لضمان فهم القارئ. لذلك، تبرز أهمية استخدام استراتيجيات ترجمة متنوعة، مثل الشرح المقتضب أو استخدام مصطلحات وصفية، لضمان توصيل المعاني الإسلامية بدقة ووضوح.